أحداث طرابلس فرصة تستغلها السلطة لاخماد الثورة؟
مصباح العلي
لم تحد السلطة عم نهج الاعتباطية بالتعاطي مع طرابلس القائمة على التقصير الفاضح و التعويض عنه بالقسوة المفرطة ، بل كشفت أحداث طرابلس الأخيرة الهوة السحيقة و الغربة المقيتة التي يشعر بها ابناء العاصمة الثانية .
لا تجد السلطة السياسية ضرورة التعامل مع أزمات طرابلس الا من خلال البعد الامني فقط، لا تجد بأن طرابلس مرت بقطوع خطير و بأن الإستمرار في سياسة الإهمال و التهميش سيؤدي مستقبلا إلى أحداث أشد عنفا و تفلتا ، فزيارات المسؤولين إلى المدينة بعد لسعها بنار الجوع و البؤس قبل حرقها بلهيب الاحتجاج الاخير .
علاقة طرابلس بالدولة و أجهزتها عبارة عن حب من طرف واحد، محكومة بمعادلة الحرمان و الأمعان في الظلم كما تهم التطرف و الدعشنة حاضرة و جاهزة عند ارتفاع الصوت احتجاجا ، ما يؤكد عدم إصلاح الوضع و استقامة الأمور .
من المعيب تمييع حقوق طرابلس و حصرها في الأضرار المادية على أهمية هذا الجانب، و المطلوب مراجعة حقيقية و الإقلاع عن نهج تراكم منذ سنوات مع طرابلس و راكم معه كم هائل من المشكلات من الصعب معالجتها بجولات تفقد و استطلاع.
في هذا الإطار، تدخل إشكالية محافظ الشمال رمزي نهرا، حيث تجددت المطالبة بإقالته كخطوة أولى من محاسبة منتظرة بعد تماديه بالكيدية و التعاطي الفوقي مع المدينة و اتكاله على دعم فريقه السياسي كونه جرى تعيينه وفق المحاصصة السياسية المعهودة ، قابلتها السلطة برفع سور السراي و كأنها بذلك تحل القضية.
أمام هذا الواقع ، تبرز مخاوف جدية بين مجموعات التحركات الشعبية في طرابلس من نوايا مبيتة أمنيا لتصفية الحسابات ، فما ظهر من توقيفات لعدد من الناشطين في الساعات الاخيرة على خلفيات إحراق السراي و بلدية طرابلس يثير القلق من استغلال الظرف و محاولة اخماد الثورة الشعبية في طرابلس منعا لتجددها من جديد، و هذا ما يؤدي صب الزيت فوق نيران الغضب الشعبي.